ما هي عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام ؟
الجواب :
صفة الكلام صفة ثابتة لله-U- ، ولذلك قال-تعالى- : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً } ، { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي } فبين-I- أن هذه الصفة ثابتة له ، وهي صفة على الحقيقة ، ولذلك جاء في صحيح مسلم : (( يتكلم بصوت يسمعه من قرُب كمن بعُد )) ، وثبت في الأحاديث الصحيحة أن الله-I- يكلم عباده في عرصات يوم القيامة ، وبينت نصوص الكتاب والسُّنة نفي هذه الصفة عن العصاة ممن سمى الله -U- وقال-تعالى- : { وَلاَ يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } .
فصفة الكلام ثابتة لله-U- لاتُؤوّل ، ولاتُعطل ، ولايشبه الله-U- بخلقه ، ولاتُطرب لها الأمثال ، فهو كلام حقيقي ، وما يقوله المعتزلة من أن كلام الله مخلوق-تعالى الله عما يقولون علواً عظيماً- قررت طائفة من أئمة السلف أنه كفر لأنه مصادم لنص الكتاب ونفي لصفة من صفات الله-U- ، وكذلك من يُأول هذه الصفة ويصرفها عن ظاهرها ويبعدها عن حقيقتها مخالـف للأصل الذي دل عليه نص الكتاب { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً } هذا كلام الله ، هذا نص القرآن ، ما يستطيع أحد أنه يقول معنى قائم بالنفس ويحرف الصفة عن ظاهرها ويبطل دلالة الآية في قوله-تعالى- : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً } .
وثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي-r- لما عرج إلى السماء كما في حديث أنس في الصحيحين إلى ربه وانتهى إلى ربه وكلمه الله-U- وفرض عليه الصلوات الخمس وقال-تعالى- كما في الصحيحين : (( هي خمسٌ وهن خمسون ، ما يبدل القول لدي )) فكلام الله-U- ليس بمخلوق ، وتأويل هذه الصفات الصفة الثابتة بنص الكتاب والسُّنة وتعطيلها خلاف مذهب أهل الحق .
والواجب على المسلم أن يعتقد هذه الصفة لله-جل وعلا- كما ثبت بها نص الكتاب والسُّنة ولايصرفها عن ظاهرها ، ولايؤوّل فيها، ولايعطل ، ولايشبه الله-I- بخلقه ، هذا هو المقرر والذي ينبغي أن يعتقده المسلم ويلقى به ربه .
وفضل كلام الله كما ذكرنا ، هذا الكلام وصف النبي-r- أن كلام الله أفضل من كلام المخلوق كفضل الله على خلقه ، وهذا لايستلزم أن يكون كلام الله مخلوقاً ، أو يأتي إنسان معكوس الفهم يفهم منه أن كلام الله مخلوق ، هذا أمر واضح ، فضل كلام نص صحيح ، أي: أن فضل كلام الله كفضل الله على خلقه ، وهذا دليل على كمال هذه الصفة وجلالها لله-Y- .
فيدل أيضاً على صحة مذهب أهل السنة والجماعة أن إثبات الصفة لله-جل وعلا- لايقتضي تشريكه بالمخلوق ، ولايقتضي مساواته بالمخلوق-I- ، والله - تعالى - أعلم .
ما الطرق التي يستطيع بها
طالب العلم أن يضبط العلم ؟
الجواب :
بسم الله ، الحمد لله ،
والصلاة والسلام على خير خلق الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أمابعد :
ما أسهل السؤال وما أصعب
الجواب ، يعني السؤال سهل أن تسأل ما هي الطرق التي يضبط بها طالب العلم ، لو نجلس
إلى الفجر ، لو نجلس عشرات الدروس ما نستطيع أن نلم بهذه الطرق ، ولذلك أشفق في
السؤال يعني يشفق السائل ولا يبالغ في سؤاله بكل اختصار .
أولاً : ما ذكرناه أن يكون
بينك وبين الله ما يرضى الله عنك ، الطرق التي تقفي بك إلى العلم الصحيح النافع أن
تبدأ بإصلاح ما بينك وبين الله .
ثانياً : عالم أخذ العلم عن
أهله واتصل سنده إلى رسول الله-r- ، حتى تأخذ العلم موروثاً .
ثالثاً : أن تضبط ما تقرأه على ذلك العالم ، تضبط ضبطاً تاماً ، تقرأ قبل أن تحضر المتن مرتين ثلاثة أربعة ، حينما يجري هذا العلم في دمك وعرقك ، حينما يجري مع روحك ويصبح معك ، تعرف حلال الله وحرامه ، وتتفاعل مع هذه الأحكام كل حكم عزيز عندك ، عندها تستطيع أن تبني علماً صحيحاً ، وتعرف قيمة هذا العلم ، وتعتز به وتتمسك به لأنه من الوحي من كتاب الله وسنة النبي-r- ، فإذا بدأت تضبط وتقرأ قبل أن تجلس وتتعب المرتين الثلاثة الأربع لا تسأم ولا تمل ، فمن كانت له بداية محُرقة كانت له نهاية مشرقة ، فتتعب في طلب العلم ، ولذلك ما عَلّم الله أحداً إلا بعد أن ابتلاه واختبره-I- ، رسول الأمة-عليه الصلاة والسلام- ما أوحى إليه حتى أخذه جبريل وغطه ورأى الموت ، وقال له : اقراء ، قال : ما أنا بقارئ ، فأخذه حتى رأى الموت ثلاث مرات ثم أوحى إليه ، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله-r- يتفصد عرقاً في شدة البرد والشتاء ، ونزل الوحي وهو على بعير فبرك البعير وكاد أن يموت البعير من شدة ما يجد-عليه الصلاة والسلام- ، وهذا بعير وهو تحت النبي-r- فما بالك برسول الأمة-r- ، وكان إذا نزل عليه الوحي كما في الصحيحين من حديث صفوان بن يعلى بن أمية-t وعن أبيه- ، أنه يغط كغطيط البكر من شدة ما يجد ، فإذا كان تمضي إلى حلق العلم وقد تعبت وسهرت وأضنيت جهدك وأنت تقرأ وتضبط ، غداً تخرج إلى الناس بنور وعلم مضبوط وأصل صحيح ، وتخرج للناس ويخرجك ربك ، لأن الله اطلع على ما كان منك تعب ، { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } أي والله لنهدينهم سبلنا ، متى إذا جاهدوا ، والجهاد التعب والاجتهاد وبذل غاية الوسع والطاقة في تحصيل الأمر ، فالعلم لا يأتي بالتشهي ولا بالتمني ، ولا يأتي بالدعاوى العريضة الشخص يحس أنه كأنه شيخ الإسلام ومفتي الأنام ، مغرور بنفسه ، لا من يأتي بجد واجتهاد وتعب ، قال ابن عباس-رضي الله عنهما- : ذللت طالباً وعززت مطلوباً ، فإذا أكثرت من قراءة العلم وأصبح العلم في ليلك ونهارك وصبحك ومساءك ، وأصبحت مسائل العلم هي أشجانك ، وهي أفكارك ، وهي أحاسيسك ووجدانك ، عندها تجد بركة هذا العلم ، وتخرج للأمة بعلم صحيح .
ثالثاً : أن تضبط ما تقرأه على ذلك العالم ، تضبط ضبطاً تاماً ، تقرأ قبل أن تحضر المتن مرتين ثلاثة أربعة ، حينما يجري هذا العلم في دمك وعرقك ، حينما يجري مع روحك ويصبح معك ، تعرف حلال الله وحرامه ، وتتفاعل مع هذه الأحكام كل حكم عزيز عندك ، عندها تستطيع أن تبني علماً صحيحاً ، وتعرف قيمة هذا العلم ، وتعتز به وتتمسك به لأنه من الوحي من كتاب الله وسنة النبي-r- ، فإذا بدأت تضبط وتقرأ قبل أن تجلس وتتعب المرتين الثلاثة الأربع لا تسأم ولا تمل ، فمن كانت له بداية محُرقة كانت له نهاية مشرقة ، فتتعب في طلب العلم ، ولذلك ما عَلّم الله أحداً إلا بعد أن ابتلاه واختبره-I- ، رسول الأمة-عليه الصلاة والسلام- ما أوحى إليه حتى أخذه جبريل وغطه ورأى الموت ، وقال له : اقراء ، قال : ما أنا بقارئ ، فأخذه حتى رأى الموت ثلاث مرات ثم أوحى إليه ، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله-r- يتفصد عرقاً في شدة البرد والشتاء ، ونزل الوحي وهو على بعير فبرك البعير وكاد أن يموت البعير من شدة ما يجد-عليه الصلاة والسلام- ، وهذا بعير وهو تحت النبي-r- فما بالك برسول الأمة-r- ، وكان إذا نزل عليه الوحي كما في الصحيحين من حديث صفوان بن يعلى بن أمية-t وعن أبيه- ، أنه يغط كغطيط البكر من شدة ما يجد ، فإذا كان تمضي إلى حلق العلم وقد تعبت وسهرت وأضنيت جهدك وأنت تقرأ وتضبط ، غداً تخرج إلى الناس بنور وعلم مضبوط وأصل صحيح ، وتخرج للناس ويخرجك ربك ، لأن الله اطلع على ما كان منك تعب ، { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } أي والله لنهدينهم سبلنا ، متى إذا جاهدوا ، والجهاد التعب والاجتهاد وبذل غاية الوسع والطاقة في تحصيل الأمر ، فالعلم لا يأتي بالتشهي ولا بالتمني ، ولا يأتي بالدعاوى العريضة الشخص يحس أنه كأنه شيخ الإسلام ومفتي الأنام ، مغرور بنفسه ، لا من يأتي بجد واجتهاد وتعب ، قال ابن عباس-رضي الله عنهما- : ذللت طالباً وعززت مطلوباً ، فإذا أكثرت من قراءة العلم وأصبح العلم في ليلك ونهارك وصبحك ومساءك ، وأصبحت مسائل العلم هي أشجانك ، وهي أفكارك ، وهي أحاسيسك ووجدانك ، عندها تجد بركة هذا العلم ، وتخرج للأمة بعلم صحيح .
ثانياً : بعد أن تصلح ما
بينك وبين الله وتضبط العلم بالقراءة ، تأتي إلى مجالس العلم معظماً للعلم معظماً
للعلماء ، من جلس في مجالس العلم يعرف قيمة ماذا يُقال ، يقدر كل كلمة ، ويبحث عن
كل شاردة ، ويفرح بكل حكمة ، عندها يكون العلم عزيزاً في قلبه ، وإذا جلس شارد الذهن
يريد أن يقضي الوقت ، يريد أن يذهب عنه الوقت ، فعندها لا يبالي الله بمن لا يبالي
بدينه وشرعه ، لابد أن يكون طالب العلم في مجلس العلم يحرص على كل كلمة صغيرة
وكبيرة ، يبحث عن الحكمة ، كان الإمام أبو عبيدة القاسم بن سلام الجحمي-رحمه الله-
آية من آيات الله في العلم والعمل ، أن نظرت إليه في التفسير فهو حجه في تفسير
كتاب الله-U - ، ويستشهد بتفسيره
ويعتمد قوله حتى كان رأساً في علم الفقه ، فقيها محدثاً في علم الحديث والرواية عن
رسول الله-r- ، وفي علم القراءات وفي
علم اللغة والشواهد ، كان آية من آيات الله-رحمة الله عليه- ، هذا العالم الجليل
يذكر عن نفسه أنه كان يجد ويتعب وينصب في نهاره حتى يمسي عليه الليل ، وهو أشد ما
يكون تعباً وإعياً ، حتى إذا وجد العالم ، فذكر له الحكمة الواحدة ، والفائدة
الواحدة ، يقول : فأبِيت بها مسروراً قد سلا عني ما أجد ، يعني جميع التعب والنصب
يذهب بهذه الحكمة لأنه يحفظ لأمة محمداً-r- دينها ، فالذي يستشعر
أنه يتعامل مع هذا العلم لكي ينفع أمة محمد-r- ، ولكي يبلغ الرسالة ،
ويؤدي الأمانة ، ويكون منه الخير ، يجد ويجتهد .
كذلك - أيضاً - إذا جلس في
مجالس العلم يرتب وضعه ، طالب العلم المبتدئ له طريقة ، وطالب العلم المتوسط وطالب
العلم المتمكن كلً منهم له منهج معين وطريقة معينة ، طالب العلم المبتدئ يأخذ
القول الراجح ودليله ، ولا يدخل في التفصيلات ولا الخلافات ، ويفهم العبارات
بالشرح المختصر، طالب العلم المتوسط يتوسع ، ويعتني بالقول المخالف ، دليله الجواب
عن الدليل ، طالب العلم المتمكن يمحص في هذا كله ، ويراجع كل هذا ، وإذا أشكل عليه
شيء يعرضه ويكتب الأسئلة المفيدة ، إذا حضر طالب العلم حرص على أنه يسمع أكثر من
أنه يتكلم ، لأن الله-U - يبارك لطالب العلم متى ما أنصت للعلم ، ومفتاح العلم الإنصات له
، ولذلك قال بعض الحكماء يوصي ابنه : يا بني إذا جلست في مجالس العلماء ، فلتكن
حريصا على السكوت منك على الكلام ، فيحرص طالب العلم على أن يكون منصتاً مستفيداً
.
كذلك - أيضاً - بعد الانتهاء
من الجلوس في مجالس العلم ، يراجع العلم الذي يقرأه ، يختار طالب علم أو طالبين أو
ثلاثة بالأكثر يذاكر معهم الدرس الذي يأخذه ، فهذا كله خيرً له وبركة ، ثم بعد ذلك
يستشعر من قرارة قلبه ، أن كل آية ، وكل حديث ، وكل حكم سمعه وعلمه ، أنه مسؤول
أمام الله عن العمل به وتبليغه للأمة ، أن يعلم أنه مسؤول أمام الله ، وأن يعـلم
أن جلوسه في مجالس العلم ليس لعبث ولا لإضاعة الأوقات ، تتعلم وتسأل الله أن يبارك
لك فتعمـل ، وتسأل الله أن يبارك فتعلم غيرك ، ولا تقل من أنا هناك علماء أصبحوا
أئمة وعلماء بعد سنة الخمسين ، بعد أن بلغوا خمسين سنة طلبوا العلم ففتح الله-U - عليهم
وأصبحوا من الأئمة والعلماء العاملين ، والنبوة تأتي النبي نبوته بعد الأربعين ،
ولا يبعث إلا بعد الأربعين ، وهذه سن متأخرة ، ولا يقل الإنسان من أنا فلا أبي ولا
أخي لا والله ، { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } ، العلم ليس
حكراً على قوم ، لا على لون ، ولا على جنس ، ولا على مال ، ولا على قبيلة ، ولا
على جماعة ، ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء ، فتحرص على ضبط هذا العلم وتعلم أنك
مسؤول عنه وعن تبليغه للأمة - نسأل الله العظيم ، رب العرش الكريم ، أن يجعل ما
تعلمناه وعلمناه خالصاً لوجهه الكريم ، موجباً
لرضوانه العظيم-.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق